99 التحذير من الغلو في الدِّين

Publié le par Abou Abdillah

خطبة الجمعة ليوم 27/4/1424هـ بعنوان:

التحذير من الغلو في الدِّين

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفييه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شرعه فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .

أما بعد أيها المؤمنون عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإن تقوى الله جلّ وعلا هي أساس السّعادة وسبيل الفوز والفلاح في الدنيا و الآخرة .

عباد الله اتقوا الله تعالى واحذروا من كيد الشيطان احذروا من الشيطان وكيده وتعوّذوا بالله من همزاته ووساوسه واعلموا أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا واعلموا أن الشيطان يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السّعير، وقد أمرنا الله جلّ وعلا بالتعوذ من هذا العدو والالتجاء إلى الله عز وجل والاعتصام به منه يقول الله: ﴿وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله فصلت: ٣٦، ويقول جل وعلا: ﴿قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس الناس: ١ - ٦، ويقول تعالى: ﴿وقل ربِّ أعوذ بك من هَمَزَاتِ الشياطين وأعوذُ بك ربِّ أن يَحضُرُون المؤمنون: ٩٧ - ٩٨، ويقول تعالى: ﴿وقل لعبادي يَقولوا التي هي أحسن إنَّ الشيطان ينْزَغ بينهم  الإسراء: ٥٣  والآيات في ها المعنى كثيرة  .

عباد الله والشيطان له مدخلان على الإنسان ينفذ من خلالهما على المرء المسلم ليصدّه عن دين الله وليغويه عن طاعة الله وليصرفه عن السّبيل السوية و الطريقة المرضية، وهما مدخل الشبهات ومدخل الشهوات.

 أما مدخل الشهوات عباد الله فإن الشيطان إذا رأى في المسلم ميلا للمعاصي و حبا لها زينها في عينه ونمقها في نفسه وجمّلها عنده ليكون متبعا لشهواته راكضا وراء ملذاته منصرفا عن دينه وطاعة ربه سبحانه .

وأما المدخل الثاني عباد الله فهو مدخل الشبهات ويدخل منه الشيطان إذا رأى في الإنسان تمسكا بالدين وحرصا على طاعة رب العالمين وبعدا عن الشهوات والمعاصي والملذّات فإذا وجد المرء المسلم بهذه الصفة فإنه يدخل عليه عن طريق الشبهة فيصل به إلي الغلو في الدين وإلي التطرف والتشدد و المغالاة في دين الله ليخرج من دين الله ومن الطريق السوية ومن طاعة الله تبارك وتعالى حسب ما أمر فيزين الشبهات ويأخذ بالإنسان إلى الغلو في الدين والتشدّد فيه إلى أن يخرج منه وهو يظن أنه مطيعا لله محافظا على أوامر الله تبارك وتعال ولا يزال الشيطان حريصا على صرف الإنسان عن طريق الله المستقيم وعن صراطه القويم ولا يبالي عدو الله بأي الأمرين إما إيقاع المرء في الشبهة أو إيقاعه في الشهوة هم الشيطان و وكده ونصبه أن ينصرف المسلم عن طاعة الله وعن السبيل الصحيحة التي أمر الله بها ولهذا عباد الله تكاثرت الأدلة في الكتاب والسنة بتحذير المؤمنين من الغلو في الدين و التشدد فيه و الخروج به تطرفا وغلوا وتزيدا يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت عنه " إياكم و الغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ويقول صلى الله عليه وسلم " هلك المتنطِّعون " والمتنطعون عباد الله هم المتشددون في غير موضع الشدة فالغلو والتشدد والتزيد في دين الله هو من سبيل الشيطان وهي ركضة يركض بها عدو الله في بعض المؤمنين المطيعين لله ليصرفهم عن طاعة الله جلّ وعلا و لا يزال عدو الله ينصب حبائله ويضع مصائده ويبث جنوده ليظفر من المؤمنين بأحد الأمرين وتأملوا رعاكم الله هذا الحديث عن النبي صلى الله  صلى الله عليه وسلم وهو مخرَّج في صحيح ابن حبان بإسناد ثابت من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  " إذا أصبح إبليس بثَّ جنوده فيقول لهم أيكم أخذل اليوم مسلما فألبسه التاج فيأتيه أحد جنوده فيقول له لم أزل به حتى طلّق زوجته فيقول له إبليس يوشك أن يراجعها أو يوشك أن يتزوج، فيأتيه الثاني فيقول لم أزل به حتى عقّ والديه فيقول له إبليس يوشك أن يبرهما، فيأتيه الثالث فيقول لم أزل به حتى أشرك بالله فيقول له إبليس أنت أنت فيأتيه الآخر فيقول له لم أزل به حتى قتل فيقول إبليس أنت أنت ويلبسه التاج"، وتأملوا عباد الله كيف يتنافس جنود إبليس وأعوانه كيف يتنافسون في تحقيق غاياته ومراداته في صد الناس عن دين الله وصرفهم عن طاعة الله إما بالعقوق والقطيعة أو بالإفساد والإضلال أو بالقتل والتدمير أو غير ذلك من المسالك التي هي من تزين الشيطان .

عباد الله ثم إن القتل يبلغ ذروته وغايته عندما يفعله المرء المسلم تدينا ويقصد به التقرب إلى الله جلّ وعلا بأيِّ عقل ودين وبأي طاعة لرب العالمين يكون قتل الأنفس المعصومة وإزهاق الدماء المحرمة ديانة  يتقرب  بها إلى الله وطاعة ينشد بها رضوان الله يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم " من خرج على أمتي يضرب بَرَّها وفاجرها ولا يتحاشى مؤمنها ولا يرعى لذي عهد عهده فليس منى ولست منه "، إن هذا المسلك عباد الله من تزين الشيطان ومن الغلو في دين الله تبارك وتعال ومن التطرف والزيغ  ومن الانصراف عن الجادة السوية والسبيل المرضية, ولا يغيب عن أذهاننا عباد الله ما حصل في مدينة الرياض قبل أسابع قلائل، وما حصل في مكة والمدينة في أيام قريبة من القبض على فئة تتربّص للمسلمين بإلقاء المتفجرات وترويع الآمنين وإزهاق الأنفس أحضروا أجهزة مدمرة ووسائل فتاكة وجلبوها بين المساكن الآمنة لم يرعوا لمؤمن حقه ولم يبالوا بترويع المؤمنين أخافوا الآمنين وقبل ذلك حصل من إخوانهم تقتيل وتدمير وتفجير دماء قتلت نفوس أزهقت أطفال يتموا نساء رملت بيوت خربت ودمرت أي دين هذا وأي طاعة لرب العالمين، أين عقول هؤلاء أين معرفتهم بكتاب الله وسنة نبيه صلوات وسلامه عليه، وإنا لنحمد الله أن يسَّر لولاة الأمر الوقوف على هؤلاء أو على جملة منهم ونسأل الله جلّ وعلا أن ييسر الوقوف على باقيهم وأن يقطع دابر المجرمين وأن يحفظ على المؤمنين أمنهم وأيمانهم ودينهم وطاعتهم  و أن يكلأهم برعايته وعنايته إنه تبارك وتعالى ولي التوفيق والسداد .

عباد الله إن هؤلاء المخططين لهذه الأعمال والراكضين في سبيلها يظنون أعمالهم هذه من الإصلاح يحسبون أنهم يصلحون وهم إي والله يفسدون ما قدموا لدين الله شيئا وإنما أضروا بدين الله وأضروا بالدّعوة إلى الله وأضروا بعباد الله المؤمنين وما هكذا يكون الإصلاح وليس هذا من الجهاد في سبيل الله وإنما هذا من تزيين الشيطان ومن الركض في سبيله فليتبصر العاقل و ليتدبر المؤمن وليتق الله جلّ وعلا من انخرط في هذه السبيل فسبيل الله واضحة وطريقه بينه ومعالم الدين ظاهره وليس هذا من دين الله في شيء، ومن علامات فساد مسلك هؤلاء أنهم يستترون عن الناس والإسلام علانية ودين الله ظاهر لا خفاء فيه يستترون عن الناس ولا يتصلون بالعلماء و يستنكفون عن الإفادة منهم والرجوع إليهم والأخذ من علمهم ولو رجع هؤلاء إلى العلماء واستشاروهم لوجدوا النصيحة البينة والجواب الشافي لو امتثلوا قول الله  جلّ وعلا: ﴿فاسألوا أهلَ الذِّكر الأنبياء: ٧، لو فعلوا ذلك، فسألوا أهل الذكر ورجعوا إليهم لوجدوا عندهم السداد والصواب والبيان الشافي لما ناظر ابن عباس رضي الله عنها الخوارج وبين لهم دين الله وأزال ما عندهم من شبهات رجع منهم في ساعة واحدة ألفان وقيل ثلاثة ألاف، هؤلاء لو رجعوا للعلماء ولو لم يستنكفوا إلى الرجوع إليهم لتبين الهم الحق ولظهر لهم الهدى ولا استبانت لهم السبيل ولكنهم مضوا في غيهم واتبعوا الشيطان وزاغوا بما فعلوه عن طريق الله المستقيم فنسأل الله جلّ وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدينا ضال المسلمين، اللهم اهد ضال المسلمين، اللهم اهد ضال المسلمين، اللهم ردهم إلى الحق ردا جميلا، اللهم ردهم إلى الحق ردا جميلا، اللهم وفقنا لاتباع سبيلك ولزوم سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعذنا من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن، اللهم واحفظ علينا أمننا وإيماننا، اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .

الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد أيها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى وتعاونوا عل البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله على الجماعة ومن شذّ شذ في النار، واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار واعلموا ا، الناس قسمان قسم مفتاح للخير مغلاق للشر وقسم مغلاق للخير مفتاح للشر فاتقوا الله تعالى واستعينوا على أن تكونوا من مفاتيح الخير ومغاليق الشر  واتقوا الله تعالى في السر والعلانية والغيب والشهادة.

 فصلوا وسلموا رعاكم الله على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿إنَّ الله وملائكتَه يُصلُّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما الأحزاب: ٥٦ وقال صلى الله عليه وسلم " من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي السبطين علي وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين  اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين يا رب العالمين, اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك  واتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وأعنه على البر والتقوى وسدده في أقوله وأعماله وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لاتباع كتابك ولزوم سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم واجعلهم رحمة و رأفة على عبادك المؤمنين، اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولها، اللهم إنا نسألك الهدى والسداد، اللهم إنا نسألك الهدى والتقوى والعفة والغنى، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل, اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم وأن تجعل كل قضاء قضيته لنا خيرا، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوتنا وأزواجنا وأموالنا واجعلنا مباركين أينما كنا، اللهم اجعلنا شاكرين لنعمك معترفين لك بها مستعملين لها في طاعتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم و اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه، اللهم اغفرلنا ولوالدينا والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين  .

 

 

Publié dans خطب مواعظ

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article