33 نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

Publié le par Abou Abdillah

خطبة جمعة بتاريخ: 20/ 12/ 1426هـ

بعنوان: نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا.

أما بعدُ أيّها المؤمنون عباد الله اتقوا الله فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه ثم اعلموا رعاكم الله أن حاجة البشرية إلى بعثة الرسل ليس كحاجتهم إلى الأرض والسماء ولا كحاجتهم إلى الشمس والقمر ولا الضياء والهواء وليست كحاجة الإنسان إلى روحه ولا كحاجة العين إلى ضوئها ولا كحاجة الجسم إلى الطعام والشراب والنَفَس فإنها أشد حاجة من ذلك كلّه وأعظمُ ضرورة لأن الرسل عباد الله هم الوسائط بين الله وبين خلقه في إبلاغ دينه وبيان شرعه وهم سفراء الله تبارك وتعالى إلى عباده يبلغون رسالة الله ويدعون الناس إلى دين الله يدعون الناس إلى الهدى ويبعدونهم عن الهلاك والردى يقول صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته إلى خير ما يعلمه لهم وأن يحذرهم من شرّ ما يعلمه لهم".

عباد الله وقد كان خاتم النبيين وإمامهم وقدوتهم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه رحمة مهداة للعالمين كما قال عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة" وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين الأنبياء: ١٠٧ فهو عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين ومحجة للسالكين وحجة على الخلائق أجمعين فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين وما ترك خيرا  إلا دل الأمة عليه ولا شرا إلا حذرها منه ففتح الله عزوجل برسالته أعينا عميا وقلوبا غلفا وآذانا صما فبصر الله به من الجهالة وهدى به من العَمَاية وجمع به القلوب بعد شتاتها وهدى به الناس بعد ضلالها وظلماتها فهو نعمة عظيمة ومنة كبيرة وعطية جسيبمة امتن الله تبارك وتعالى بها على العباد ﴿لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم آل عمران: ١٦٤ ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم التوبة: ١٢٨

عباد الله إن الواجب علينا عباد الله ما منَّ الله علينا باتباعه والاقتداء به ومعرفته صلى الله عليه وسلم والإيمان به أن نحمد الله جل وعلا حمدا كثيرا طيبا على أن هدانا أن كنا من أتباعه و من أنصاره وأتباع دينه فهي منة عظمى وعطية كبيرة فالحمد لله الذي هدانا الحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وله الحمد كثيرا كما أعطى ومنّ كثيرا سبحانه وتعالى .

عباد الله وإن الواجب على كل مؤمن عرف قدر الرسول و عرف شأنه ومكانته أن يحبه محبة مقدَّمة على محبة نفسه وعلى محبة والده وولده والناس أجمعين وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم الأحزاب: ٦ ويقول صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" وقد افترض الله تبارك وتعالى على العباد محبته ونُصرته وتعزيره وتوقيره واتباع شرعه والاهتداءَ بهديه صلوات الله وسلامه عليه ﴿لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا الفتح: ٩ وتعزيره صلى الله عليه وسلم هو نصرته عليه الصلاة والسلام وتوقيره هو محبته وتعظيمه.

عباد الله ولقد مضت سنة الله تبارك وتعالى في المناوئين للرسول والمناوئين للرسل قبله المستهزئين بهم الساخرين منهم أن يُحلَّ بهم نكاله العظيم وعذابه الشديد في الدنيا قبل الآخرة وتأمّلوا ذلكم رعاكم الله في قوله الله تبارك وتعالى: ﴿ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب الرعد: ٣١ – ٣٢

 نعم عباد الله إن الله تبارك وتعالى يملي للظالم و لا يهمله ويملي للمستهزء الساخر ولا يتركه وإذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر {فأمليت لهم} أي أمهلتهم قليلا ثم كان أخذه تبارك وتعالى أخذ عزيز مقتدر ومن يتأمل التاريخ على طول مداه يجد العقوبات الكثيرة والقوارع العديدة التي أحلها الله تبارك وتعالى بالمعادين للرسل ولا سيما الساخرين المستهزئين وقد قال الله تعالى مُطْمَئِنْا رسوله صلى الله عليه وسلم ﴿إنا كفيناك المستهزئين الحجر: ٩٥ وقال جل وعلا: ﴿إن شانئك هو الأبتر الكوثر: ٣ أي الأقطع يقطع الله تبارك وتعالى دابره ويمحق عينه وأثره وقد أحل الله عز وجل عقوباته الأليمة ونكالَه الشديد بكل ساخر مستهزئ بأنبيائه الله ورسله الكرام وكيف بمن يستهزأ بإمام المرسلين وخاتم النبيين عليه صلوات الله وسلامه .

عباد الله وإذا كان الله جل وعلا قال في حديثه القدسي "من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب" فكيف بمن عاد نبيا وكيف عباد الله بمن عاد إمام المرسلين وقدوة الخلائق أجمعين وسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ولئن كان ـ عبادَ الله ـ بعض إخوان القردة والخنازير في زماننا هذا أخذوا يتهكمون بشخص النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ويهزؤون به عبر صور ساخرة وكلمات مستهزأة فإن هذا عباد الله إِذْن بزوالهم ومحقهم بإذنه تبارك وتعالى وسنة الله جل وعلا ماضية بمن كان شأنه كذلك ومن أراد مصداق ذلك فليقرأ التاريخ كلَّه فهو مليء بالشواهد العديدة والأدلة الكثيرة التي تدل على كمال قدرة الله وإنا لنلتجئ إلى الله عز وجل معلنين ضعفنا وقلة حيلتنا ملتجئين إليه وحده سبحانه أن ينتصر لرسوله الكريم اللهم عليك بهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم عليك بهم يا ذا الجلال والإكرام،  اللهم عليك بهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم إلهنا خذهم أخذ عزيز مقتدر اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم عليك بهم يا ذا الجلال والإكرام اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم أحلَّ عليهم لعنتك وغضبك وسخطك يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم

الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى ثم اعلموا رعاكم الله أن هذا البلد الذي نعيش فيه المدينةَ النبويةَ المنورةَ بلد فاضل حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء عنه في حديثه الصحيح أنه قال "المدينة حرام ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" أي لا يقبل الله منه فريضة ولا نفلا وإن من الأمور العظيمة والحرمات الجسيمة التي هي في كل بلد محرمة وفي هذا البلد أشدّ تحريما مراعاة حرمة الدماء والأموال والأعراض كما قال عليه الصلاة والسلام في خطبته في حجة الوداع "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" ومما يختص به أهلُ المدينة في هذا الشأن ما جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أراد أهل هذه البلدة ـ يعني المدينة ـ بسوء أذابه الله كما يذوب الملحُ في الماء" ولئن كان أحد الغواة المفسدين تعرض لبعض الأسر في المدينة بنوع من الاعتداء فإن أخذ الله له عن قريب بإذنه تعالى فتوجهوا إلى الله عز وجل أن يحفظ أهل هذه البلدة والمسلمين في كل مكان من أهل الشر والبغي والفساد وأن يقطع دابر المفسدين وأن يعيذنا من الفتن كلِّها ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ علينا ديننا وأمننا وأعراضنا وأموالنا وأن يبارك لنا في حياتنا وأن يصرف عنا وعن المسلمين السوء بمنه تبارك وتعالى فهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلوا وسلموا رعاكم الله على محمّد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما الأحزاب: ٥٦ وقال صلى الله عليه وسلم:"من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد  وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وارضَ اللهم عن الصّحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين   

 اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين يا رب العالمين  اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم. اللهم إنا نسألك أن توفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وأن تعينه على البر و التقوى وأن تسدده في أقواله وأعماله وأن ترزقه البطانة الصالحة الناصحة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعِفّة والغنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلنه اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

                   

                    

 

Publié dans خطب العقيدة

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article